"الرئيس" الكلمة الأشد لفتا للإنتباه، والكلمة الأكثر بحثا في الأنترنيت ، والتي يبحث عنها أغلب المتصفحين العرب في شهر فبراير لسنة 2011، وتعني الكثير للمصريين، فكلمة "الرئيس" كلمة مؤثرة... كلمة تتردد في أغلب المواقع العربية والأجنبية مرتبطة بحسني مشؤوم وليس مبارك، كلمة ترددت كثيرا في الكتابة عنها والتدوين حولها، لأنني عشت كما عاش المصريون الشرفاء متوحدا معهم في مشاعرهم مضطربا ومتوترا وأصابني أرق شديد ، ولم أتذوق أحيانا ما آكله، وأحيانا أخرى أكلت فوق ما آكله مكتئبا...
الرئيس إذن فرض على مشاعرنا وأفكارنا الإضطراب والفوضى ، وشعرت ولو لم أكن مصريا بانتماء عميق مع المصريين في معاناة تابعتها في مطالعاتي ودراساتي واهتمامي بشؤون العرب جميعهم من محيطهم إلى خليجهم، والحق أن المآسي التي يعيشها المصريون تفوق ما وصفه الروائيون وما جادت به قرائح الشعراء وما مثلوه في مشاهد درامية الممثلون ، وما شخصوه على خشبات المسارح، وكانت عصابة الريس هي محور الشرور والمصائب والآفات فيما عاناه المصريون من فقر شديد ، وبطالة وأمية وجهل وتفاوتات طبقية شنيعة، وظلم وفساد وإهدار كرامة أجيال بكاملها داخل مصر وخارجها...
وحينما قام شباب مصر الشرفاء الشجعان والأقوياء بمظاهرات واحتجاجات ثم ثورات على ما يعانونه في بلدهم وخارجه توقفت كالمشلول عن أي نشاط أو عمل ووأصبحت متتبعا صباحا ومساء وفي كل وقت لما يحدث، منذ جمعة الغضب ثم جمعة الرحيل وأسبوع الصمود وأخيرا جمعة التحدي، وكانت مرابطتهم بميدان التحرير نافذة أمل لشباب كثيرين نحو الانعتاق في دول العالم العربي من استبداد وظلم وفساد سكتوا عنه مجبرين ويتربصون لوثبة أو قومة وأو نهضة أو ثورة كانت بعيدة المنال فأصبحت قاب قوسين أو أدنى بعد نجاح ثورة الشباب بمصر، فشكرا لهم على عملهم الذي سيكتب بالذهب في صفحات التاريخ...
وكم كنت متخوفا ومضطربا وقلقا من احتمال فشل ثورة الشباب بمكر وكيد الرئيس ومناوراته التي بدى بعضها ولا يعلم أكثرها إلى الله ومن حوله من أفراد عصابة نهبت وهربت خيرات بلد يستحق دورا ورخاء ونعيما يوازي ما يمتلكه من مؤهلات طبيعية وبشرية لا تقدر بثمن، كنت متوجسا في كل يوم مما قام به الرئيس وكما يقول المنافقون الأب، والبطل في حرب العبور، وكنت أخاف أن يلتف على مطالب الشباب ...ونجح أحيانا في بث الفتنة والشقاق بين المصريين وحاول بإعلامه وزبانيته والمأجورين لعصابة فوضاه وليس نطامه...
الرئيس كان عنيدا ومناورا وثعلبا ماكرا وشيخا في التحايل والكيد، وقاوم بشراسة على كرسيه وسلطته ولولا الإعلام النزيه والتصوير المباشر للأحداث من قنوات نزيهة وحرة لضحى بالآلاف من المصريين ليبقى على عرش مصر الذي خطط لتوريثه لابنه، وقد قاوم في البداية بشدة مطالب الشباب وناهض وندد بمطالب الدول الخارجية، ثم سعى لتلبية تلك المطالب بشكل مسرحي مكشوف، ولحسن الحظ كانت جميع ردات فعل الرئيس تتم في آخر اللحظات أو بعد فوات أوانها، فكسب الشباب الثوار نقاطا مهمة مما قام به الرئيس المشؤوم من مبادرات فرضت عليه فرضا، ثم تنحى في يوم التحدي... ليخسر كل شيء... حتى الخروج بكرامة من الرئاسة والبلد كما كان يتمنى صار من المستحيل، وسيذكره التاريخ بسوء... كما أن أرصدته بسويسرا قد جمدت.... وهذا من أبشع صور نهاية الظلم والظالمين، فعقبى قريبة بإذن الله لأمثاله...